أخبار

طيف عمران خان المسجون يخيم على الانتخابات الباكستانية

يتوجه الباكستانيون إلى صناديق الاقتراع هذا الأسبوع في انتخابات وصفتها منظمات حقوقية بأنها معيبة، مع استمرار سجن عمران خان المرشح المتمتع بدرجة عالية من الكاريزما، ومنعه من المشاركة فيها، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتنظّم الدولة الواقعة في جنوب آسيا والتي يتخطى عدد سكانها 240 مليون نسمة انتخابات عامة في الثامن من فبراير (شباط)، لكن منظمات حقوقية تشكك في مصداقيتها على خلفية الحملة ضد حزب عمران خان. ورُفض ترشيح خان ومعظم قادة حزبه للانتخابات.

ومُنع الحزب من تنظيم مسيرات، وقُيدت وسائل الإعلام الخاضعة لرقابة شديدة في تغطيتها للمعارضة، ما دفع حملة الحزب الانتخابية بأكملها إلى الإنترنت تقريباً.

ورفضت مفوضية الانتخابات أوراق عشرات من مرشحي الحزب على مستوى البلاد.

وخلال الأسبوع الماضي حُكم على عمران خان، نجم الكريكيت السابق الذي قاد باكستان للفوز بكأس العالم عام 1992، بالسجن لفترات طويلة بعد إدانته بتهم الخيانة والكسب غير المشروع والزواج غير القانوني.

ويرى محللون أن اغتيال الشخصية يظهر مدى قلق المؤسسة التي يقودها الجيش من أن يظل حزب «حركة الإنصاف» عاملاً حاسماً في انتخابات الخميس.

ويوضح المحلل شجاع نواز الذي ألف كتاب «المعركة من أجل باكستان» حول علاقات إسلام آباد مع واشنطن: «أنا متأكد من أنهم قلقون بشأن ذلك، والجيش ليس لديه القدرة على إيجاد حل على المستوى الوطني».

وقال في حديث للوكالة: «يمكن لحزب (حركة الإنصاف) أن يدخل بعدد كبير ويبقى لاعباً»، موضحاً أنه بينما تتجنب الدول الغربية الإدلاء بأي تعليق على الفوضى السياسية التي تجتاح باكستان، فإنها لا تزال تراقب الأحداث عن كثب، خوفاً من خطر انعدام الأمن.

من جانبه، يؤكد مدير معهد جنوب شرقي آسيا في مركز ويلسون للدراسات في واشنطن مايكل كوغلمان أنه «قد تبدو الانتخابات في باكستان هامشية نظراً لجميع الأزمات في العالم»، لكنه قال: «لنكن واضحين: الانتخابات في باكستان مهمة».

وحكم الجيش القوي البلاد لسنوات منذ انفصالها عن الهند عام 1947. وتحظى باكستان بموقع استراتيجي وتجاور أفغانستان وإيران والصين.

وكانت البلاد في قلب ما يسمى «الحرب على الإرهاب»؛ إذ بقي مؤسس تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن فيها إلى حين مقتله في غارة للقوات الخاصة التابعة للبحرية الأميركية عام 2011.

ومهندس هجمات 11 سبتمبر (أيلول) على الولايات المتحدة، الباكستاني خالد شيخ محمد، مسجون حالياً في قاعدة «غوانتانامو».

وتتجلى الأهمية الاستراتيجية في واقع أن بكين جعلت من الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني محوراً لمبادرة «الحزام والطريق» التي تبلغ قيمتها تريليون دولار.

توقعات

يعتمد الاقتصاد الباكستاني المثقل بالديون منذ عقود على صفقات إنقاذ متتالية من صندوق النقد الدولي وقروض من دول الخليج العربية الغنية التي تعتمد على الباكستانيين بوصفهم عمالة رخيصة.

ويتسارع معدل التضخم إلى نحو 30 في المائة، وفقدت العملة المحلية نحو 50% من قيمتها منذ عام 2021، وأدى عجز ميزان المدفوعات إلى تجميد الواردات، مما أعاق النمو الصناعي بشدة.

ويتوقع أن يفوز حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية» بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات الخميس، ما يمنح مؤسسه رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف (74 عاماً) فرصة رابعة لإدارة البلاد.

ومن المرجح أن يضطر إلى تشكيل ائتلاف مع واحد أو أكثر من الشركاء الصغار، بما في ذلك حزب «الشعب» الباكستاني، وهو حزب عائلي آخر يقوده الآن بيلاوال بوتو زرداري.

وقد يكون حضور مرشحي حزب «حركة الإنصاف» – الذين أُجبروا على الترشح مستقلين منذ منع الحزب من المنافسة ككتلة – حاسماً.

ويتوقع كوغلمان أنه «لن يحصل أي حزب على أغلبية مطلقة، مما يترك المرشحين الكبار – بقيادة حزب (الرابطة الإسلامية الباكستانية) – جناح نواز – على الأرجح – لتشكيل ما قد يكون ائتلافاً ضعيفاً عرضة لتأثير كبير من الجيش».

وأضاف: «في حال خسارة حزب (حركة الإنصاف)، فإن قاعدة دعمه الكبيرة التي تعاني بالفعل من حملات القمع التي استهدفته ستشعر بالاضطهاد».

وخرج مناصرو الحزب في مايو (أيار) الماضي عندما اعتُقل خان للمرة الأولى، بعد عام على الإطاحة به.

ويؤكد خان من جهته أن الجيش متواطئ منذ سنوات مع الأسر التي حكمت باكستان لسحق حركته الشعبية ومنعه من الترشّح للانتخابات المزمع إجراؤها هذا الأسبوع.

ويلقى عمران خان الذي وصل إلى السلطة عام 2018 وأطيح بمذكرة حجب ثقة في أبريل (نيسان) 2022، دعماً شعبياً واسعاً في باكستان.

وخان ملاحق في إطار أكثر من 200 قضية منذ إطاحته، ويعد أن هذه الملاحقات مدفوعة باعتبارات سياسية.

ويعد خان أن إطاحته تمت بمساعدة واشنطن التي أغضبتها زيارته لموسكو في اليوم التالي لغزو روسيا لأوكرانيا ورفضه الانحياز إلى أي طرف في هذا الصراع.

يبدو خان الآن خارج السباق مع أحكام مختلفة بالسجن تطاله، ولكن الأمر قد لا يطول في السياسة الباكستانية؛ فقد عزلت المحكمة العليا نواز شريف الذي كان المرشح الأوفر حظاً من منصبه بتهمة الفساد في 2017، بعد الكشف عن عقارات فاخرة تمتلكها عائلته عبر شركات قابضة خارجية. ومنعته المحكمة العليا نفسها من تولي أيّ منصب سياسي مدى الحياة.

وأدى إقرار قانون في يونيو (حزيران) في عهد حكومة شقيقه شهباز شريف، إلى تسهيل عودته من المنفى.

وتقول مونيزي جهانغير، الرئيسة المشاركة للجنة حقوق الإنسان الباكستانية، إن الأمر كله يعتمد على مزاج الجيش.

وأكدت للوكالة الأسبوع الماضي: «في البداية يقومون بخلق كل هؤلاء القادة، ثم يدمرونهم».

اترك تعليقاً

إغلاق