انتخب البرلمان التايلندي رجل الأعمال سريتا تافيسين رئيسا للوزراء بعيد ساعات على عودة رئيس الوزراء الأسبق تاكسين شيناواترا إلى البلاد، حيث أمرت المحكمة العليا بإيداعه السجن 8 سنوات بعد 15 عاما قضاها في المنفى طوعا.
والعقوبة التي أصدرتها أعلى هيئة قضائية في البلاد بحق تاكسين (74 عاما) ترتبط بـ 3 قضايا أدين فيها غيابيا وتتعلق بشركته السابقة «شينكورب» وبقرض مصرفي وبقضية جائزة يانصيب.
ومجموع الإدانات الصادرة في هذه القضايا يبلغ 10 سنوات خلف القضبان، لكن المحكمة العليا دمجت اثنتين من العقوبات الثلاث.
وقطب الاتصالات الذي يتهمه منتقدوه بالفساد، اقتادته الشرطة إلى المحكمة العليا فور وصوله إلى مطار دون مويانغ في بانكوك على متن طائرة خاصة أقلته من سنغافورة.
وتاكسين الذي تولى رئاسة الوزراء من 2001 ولغاية 2006 كان في استقباله لدى عودته جمع من أنصاره الذين ارتدوا ملابس حمراء وراحوا يغنون ويلوحون برايات.
وخرج تاكسين لفترة وجيزة من مبنى المطار لينحني ويضع أكليل زهور أمام صورة الملك ماها فاجيرالونغكورن قبل أن يلقي التحية على أنصاره.
ومن هناك اقتادته الشرطة إلى المحكمة العليا. ولم يتضح ما إذا كان الملياردير سيمضي فترة عقوبته كاملة في السجن أم أن اتفاقا يمكن أن يكون قد أبرم في الكواليس سيتيح له الخروج بعد فترة وجيزة.
وما يعزز هذه الفرضية هو أن عودة تاكسين أتت في اليوم نفسه الذي عين فيه البرلمان رجل الأعمال سريتا تافيسين رئيسا للوزراء على رأس ائتلاف يقوده حزب بيو تاي (من أجل التايلنديين) المرتبط بعائلة تاكسين.
وحصل سريتا تافيسين (60 عاما) على أكثر من نصف أصوات النواب البالغ عددهم 500 وأعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 250 (482 صوتا لصالحه من أصل 728 صوتا).
وتعهد أمام الصحافيين «العمل بلا كلل لتحسين نوعية حياة الشعب التايلندي».
ويسمح هذا الائتلاف بالحفاظ على حكومة العسكر الذين بالمقابل يسهلون عودة تاكسين، غريمهم السابق.
وتاكسين، المالك السابق لنادي مانشستر سيتي لكرة القدم يشكل منذ أكثر من 20 عاما أحد أقطاب الحياة السياسية في بلاده المقسمة بين «الحمر» (أنصاره) و«الصفر» (المحافظون الموالون للنظام الملكي).
وقبيل إقلاع طائرة تاكسين من سنغافورة كتبت على فيسبوك شقيقته ينغلوك شيناواترا التي كانت بدورها رئيسة للوزراء «أخيرا جاء اليوم الذي كنت تنتظره».
ورئيس الوزراء الأسبق رجل أعمال ذو شخصية جذابة وغادر تايلند في 2008. وقال تاكسين إنه مستعد لمواجهة القضاء من أجل البقاء مع عائلته.
ولطالما قال تاكسين إن القضايا الملاحق فيها تهدف إلى إقصائه من السلطة لصالح النخب العسكرية – الملكية.
ومن منفاه ظل الملياردير لاعبا مؤثرا في الحياة السياسية في بلاده عبر حزب «بيو تاي» الذي تسيطر عليه عائلة تاكسين والذي يواصل الاستفادة من شعبيته، على الرغم من تراجعها بحسب ما ظهر في نتائج الانتخابات الأخيرة.
وسريتا تافيسين رجل أعمال قريب من حزب «بيو تاي» ويقارن كثيرون بين سيرته المهنية وسيرة تاكسين.
وكان النواب رفضوا في يوليوالماضي تعيين بيتا ليمجاروينرات الذي فاز في الانتخابات على رأس حزب «إلى الأمام»، وذلك بسبب برنامجه الإصلاحي الذي اعتبروه متطرفا للغاية تجاه النظام الملكي.
وحاول حزب «بيو تاي» الذي حل ثانيا في الانتخابات والذي كان في المعارضة خلال السنوات الأخيرة، التحايل على العوائق التي يفرضها نظام تسيطر عليه المؤسسة المحافظة، من خلال تشكيل ائتلاف من 11 حزبا من بينها أحزاب موالية للجيش كانت في الحكومة المنتهية ولايتها.
لكن هذا الائتلاف شكل صدمة للناخبين التايلنديين الذين اتهموا حزب «بيو تاي» بالحنث بوعده بعدم التحالف أبدا مع المؤسسة العسكرية والذين صوتوا له للإطاحة بالجيش من الحكم.
ونفذ الجيش انقلابين ضد رئيسي وزراء من عائلة شيناواترا، هما تاكسين في 2006 وشقيقته ينغلوك في 2014. وينغلوك هي آخر رئيس وزراء مدني منتخب.
وأكد سريتا تافيسين الوافد حديثا إلى عالم السياسة أنه لن يسعى لتعديل قانون المس بالذات الملكية، وهو موضوع محظور التطرق إليه في تايلند.
وتايلند التي تحتاج إلى إصلاحات بنيوية، يعاني اقتصادها من معدلات نمو أقل من جاراتها مثل إندونيسيا وفيتنام.
المصدر: وكالات