أخبارباكستان

وفاة الشيخ محمد رفيع العثماني .. مفتي باكستان وعالمها

وفاة العلامة المفتي محمد رفيع العثماني رحمه الله

بقلم: الدكتور محمد أكرم الندوي
أوكسفورد

نعي إلينا قبل قليل (ليلة السبت 25 ربيع الآخر سنة 1444هـ) العلامة الكبير المفتي الجليل الشيخ محمد رفيع العثماني، نعي إلينا شيخ كملت خيراته، وعمت عطاياه، أفلت شمس من الفقه، وأقفر ناد من أندية الإفتاء، وأظلمت باكستان بل وسائر بلاد العالم الإسلامي من الرزء الرزيء والحزن المحزون، وبكى الباكون وجزع الجازعون، إنا لله وإنا إليه راجعون.
نعزي فيه أخاه شيخنا العلامة الفقيه محمد تقي العثماني وسائر ذويه، فقد غشيهم بوفاته هم عظيم وشجى جسيم، اللهم أحسن عزاءهم، وأعظم أجرهم على مصابهم، وعوِّض الإسلام والمسلمين في الفقيد المرحوم خيرا، وأثبه بما قدم من عمل صالح، وما نشر من علم جم، وما خلف من تلاميذ له سائرين على دربه.

ترجمته:
هو العلامة الفقيه المفتي محمد رفيع العثماني بن الشيخ المفتي محمد شفيع بن الشيخ ياسين بن خليفة تحسين علي بن ميانجي إمام علي بن ميانجي الحافظ كريم الله بن ميانجي خير الله بن ميانجي شكر الله.
ولد في الثاني من جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وثلاث مائة وألف في ديوبند من الهند، وحفظ بها القرآن الكريم، وهاجر مع أبيه إلى باكستان في 2 جمادى الآخرة سنة 1367ه.
وتخرج من دار العلوم بكراتشي سنة 1379ه، وأخذ الموطأ برواية يحيى بن يحيى، والشمائل للترمذي من والده، وصحيح البخاري من المفتي رشيد أحمد اللديانوي، وصحيح مسلم من الشيخ أكبر علي السهارنفوري، وسنن النسائي، والموطأ برواية محمد بن الحسن من الشيخ سحبان محمود، وسنن أبي داود وجزءًا من سنن ابن ماجه من الشيخ القاري رعاية الله، وسنن الترمذي من شيخنا سليم الله خان، وشيئًا من سنن ابن ماجه من محمد حقيق، رحمهم الله تعالى.
ويروي عن والده وعن الشيخ حسن المشاط، والشيخ الفاداني، والشيخ محمد إدريس الكاندهلوي، والشيخ ظفر أحمد العثماني التهانوي، والشيخ محمد زكريا الكاندهلوي، والشيخ المقرئ محمد طيب القاسمي، وأحمد كفتارو، وشيخنا عبد الله الناخبي، وشيخنا محمد سرفراز خان صفدر، وشيخنا عبد الله بن عبد العزيز العقيل، وشيخنا أكرم عبد الوهاب الموصلي، والشيخ عبد الرحمن زور جمالي.
واشتغل بالتدريس والإفتاء في دار العلوم بكراتشي، وتولى مسؤوليات تعليمية وإدارية كثيرة، وعرف بالمفتي الأعظم للديار الباكستانية.
له التعليقات النافعة على (فتح الملهم)، و(بيع الوفاء)، وحواش على (شرح عقود رسم المفتي)، و(ضابط لمفطرات الصوم في المذاهب الأربعة)، و(الأخذ بالرخص وحكمها)، وأشياء أخرى باللغة الأردية.
لقيته في جامعة الهدى بنوتنكهام مرتين أو أكثر، وسمعت منه المسلسل بالأولية بروايته عن حسن المشاط، والفاداني، والناخبي، وأجازنا إجازة عامة موقعًا على ثبته (الفضل الرباني في أسانيد محمد رفيع العثماني)، واطلع على كتاب (أصول الشاشي) بتحقيقي في مكتبة الجامعة، فأعجب به وسألني نسخة منه، فأهديتها إليه متشرفا سعيدا.

صلتي به:
وشرفني بالزيارة في أوكسفورد ليطلع على عملي في شرح مسلم، فعرضت عليه بعض نماذجه وكشفت له عن مزاياه، فأشاد به وأثنى عليه خيرا ودعا لي، وتجولت به في المدينة فألقى نظرة على مكتبة بودليان وبعض كلياتها ومعالمها وآثارها، وذكرني – لطفا منه – في بعض مؤلفاته بالأردية، واتصل بي من كراتشي هاتفيا ليتأكد من بعض المعلومات، ووجدته متكلما بكلام ساكن رتيب، مستمعا لغيره متواضعا، غير مستعجل ولا متظاهر بعلمه.
ولقيته في الحج سنة 1439ه مع بناتي وبعض أصحابي ورفاقي، فعرفني وتذكر زيارته لأوكسفورد، وسألته أن يسمعنا الأولية، فأسمعنا، وأعطاني ثبته، أجازني فيه وبناتي المتخرجات وأصحابي العلماء، وأهدى إلي بعض مؤلفاته، ودعا لبناتي، وخصهن بالسلام، فجزاه الله تعالى خيرا.

فضله:
كان رحمه الله تعالى فقيها ناصحا، صافي الذهن وصادق المروءة، سمح النفس والطلعة، طاهر اللسان والجنان، بعيدا عن الفتن والنزاعات، كارها للطائفية والتطرف، مؤثرا للوحدة والوئام، حريصا على التوفيق بين المسلمين والتقريب، وحسن السمت هادئا، أنزله الله دار النعيم، وجمعه مع المتقين.

اترك تعليقاً

إغلاق